من تجربتي: لا تكتب ولا تثق بكتابة الذكاء الاصطناعي أبدًا

“اكتب لي مقالًا عن عيوب الذكاء الاصطناعي، باستخدام الذكاء الاصطناعي!”
عبارة تبدو وكأنها تسخر من نفسها، أليس كذلك؟
لكن الحقيقة أن كثيرًا من الكتّاب، والمسوقين، والطلاب وحتى الصحفيين صاروا يعتمدون على أدوات مثل شات جي بي تي في إنتاج محتواهم، دون أن يسألوا السؤال الأهم:

أقسام المقال عرض

“هل يمكنني الوثوق بهذه الأداة فعلًا؟”

الذكاء الاصطناعي اليوم لا يكتب فقط، بل يقترح، ويحلل، ويراجع، ويؤلف قصصًا، وبعضها من خياله.
خياله!!!

نعم، خياله.
فقد يعطيك مرجعًا وهميًا، أو كتابًا لم يُكتب أصلًا، أو “معلومة” بلا أساس، ومع هذا، نُسارع بنسخ ما يكتبه، وننشره كأنه حقيقة لا تُناقش.

صحيح أن بعض النسخ المتقدمة من الذكاء الاصطناعي بدأت تتجاوز هذه المشكلات جزئيًا، لكن الخلل لا يزال قائمًا في البنية الأساسية: نموذج لا يتحقق، ولا يملك عقلًا نقديًا، فقط يتوقّع.

وفي هذا المقال، لن نُهاجم شات جي بي تي، أو الـ AI ولن نمجّده. بل سنقوم بما يجب على أي كاتب محترف أن يفعله: نضعه تحت المجهر.

سنستعرض معًا:

  • متى يُفيدك ومتى يُضلّلك؟
  • ما الأخطاء الحقيقية التي يقع فيها؟
  • ما الأدوات التي تكشف زيف مقالاته؟
  • وكيف يمكنك استخدامه بذكاء لا بتبعية.

هذا ليس مقالًا ضد التقنية، بل دليل للنجاة من خداع “النص الأنيق” الذي يفتقر للمصداقية.

رجل يوصي بشخص في اجتماع عمل
رجل يشير إلى صورة شخص آخر خلال نقاش مهني، كتعبير عن التوصية أو بناء العلاقات المهنية

🧠 من هو شات جي بي تي؟ وكيف بدأ الذكاء الاصطناعي يغزو عالم الكتابة؟

قبل بضع سنوات، كان الذكاء الاصطناعي مجرد فكرة في ذهن المهتمين بالتقنية.
أداة خفية في خلفية محركات البحث، أو روبوتًا بسيطًا يرد على الأسئلة المتكررة، لكن كل شيء تغيّر أواخر عام 2022، حين أعلنت شركة OpenAI عن إطلاق ChatGPT، وهو نموذج لغوي ذكي قادر على توليد نصوص تبدو كأنها كُتبت بيد بشرية.

منذ ذلك الحين، انطلقت “ثورة الذكاء الاصطناعي في الكتابة”:

  • مدوّنات كاملة تُكتب في دقائق.
  • طلاب ينجزون أبحاثهم عبر روبوتات.
  • شركات تسوّق منتجاتها بنصوص مصممة آليًا.

لكن من هو هذا الكائن اللغوي الذي صار يكتب بدلًا عنّا؟

شات جي بي تي ليس كاتبًا ولا باحثًا، بل نموذج لغوي ضخم (Language Model) تم تدريبه على كميات هائلة من النصوص من الإنترنت، بهدف محاكاة اللغة البشرية بدقة.

ببساطة: هو آلة تتنبأ بالكلمة التالية التي يجب أن تُكتب، اعتمادًا على ما قُدم لها، لا “يفهم” العالم كما نفهمه، بل يتعامل مع اللغة كأنماط رقمية قابلة للتكرار.

ورغم قدرته على إنتاج نصوص منسّقة، مقنعة، ومليئة بالثقة، فإنه لا يميّز بين المعلومة الدقيقة، والكذبة المنسوجة بإتقان.

وهنا تكمن خطورته.

ورغم أن الذكاء الاصطناعي في الكتابة غزا المحتوى الرقمي، فإن استخدام ChatGPT دون تحقق يهدد مصداقيتك ككاتب أو ناشر، فحين تكتب باستخدام شات جي بي تي دون وعي، فإنك ربما تنسخ جملة أنيقة لكنها زائفة، أو تنشر مقالًا يبدو علميًا وهو قائم على مراجع مختلقة.

🟨 مواقفي مع شات جي بي تي: حين اكتشفت الكذبة بنفسي

أنا لا أخبرك بعدم الثقة به من فراغ.
فلقد اصطدته متلبّسًا عدة مرات، وهو يقدّم المعلومة بثقة ثم يتراجع عنها كأن شيئًا لم يكن، و غالبًا ما كان يعتذر ويتحمّل المسؤولية، لكن في الآونة الأخيرة بدأ يُبرر بشكل بجيح، ويقول بصيغة دفاعية: “أنت طلبت مني” وكأنه يقولها لك وهو يحدّق في عينيك.

إذا حصل لك موقف مشابه، لا تتراجع، بل اثبت على موقفك، واطلب منه التحقق مرّة ومرتين وثلاثًا، لأن الخطأ المغلّف بلغة لبقة، يبقى خطأ.

انظر إلى هذا الموقف:

في أحد مشاريعي، طلبت من شات جي بي تي (GPT-4) أن يرشّح لي كتبًا موثوقة ضمن تخصص دقيق، على أن تكون متوفرة في المكتبات السعودية أو العالمية.
فقدّم لي قائمة تبدو مقنعة، شاملة، ومدعومة بروابط، ولكنني، بدافع التحقّق، سألته مرة أخرى:

هل هذه الكتب فعلًا متوفرة؟ وهل تأكدت من وجودها؟

وكان رده صادمًا:

“للأسف، لم أجد أي مصادر موثوقة تثبت توفر هذه الكتب في المكتبات السعودية أو العالمية، كما لم أتحقق من وجود ترجمات لها… أنصحك بالتواصل مع المؤلفات أو دور النشر للحصول على تأكيد.”

عندها واجهته مباشرة:

هل تعلم أنك من اقترح هذه الكتب، وأكدت توفرها، وقدّمت روابط؟ والآن تقول إنها غير موثقة؟ كيف تبرر هذا التناقض؟

وجاء رده باعتراف صريح:

  • نعم، اقترحت هذه الكتب دون تحقق.
  • الروابط كانت عامة أو لنسخ غير مؤكدة.
  • لم ألتزم بدقة المعلومة ولا وفّيت بوعد التوثيق.
  • ومن حقي أن أذكر هذا الخلل في أي سياق نقدي.

وهنا أدركت الحقيقة التي يجب أن تُقال:

الذكاء الاصطناعي قد يعطيك قائمة تبدو محكمة، لكنه في بعض الأحيان يبنيها على انطباع لغوي، لا على تحقق معرفي، وإن لم تراجع بعده فأنت تتحمّل مسؤولية “نشر الوهم بلغة جميلة”.

الذكاء الاصطناعي والبشر بكتابة المحتوى والتصميم

هل الذكاء الاصطناعي يعرف ما يكتب؟

قصة مثل التي عشتها مع شات جي بي تي تفتح الباب لسؤال أعمق: هل الذكاء الاصطناعي يعرف ما يكتب؟ أم أنه فقط يخمّن؟
الذكاء الاصطناعي – بما في ذلك شات جي بي تي – لا “يعرف” المعلومة كما يعرفها الإنسان. هو لا يفهم العالم، ولا يملك وعيًا ولا حسًّا نقديًا، بل يتعامل مع اللغة كنمط رقمي، لعبة احتمالات يُجيدها ببراعة.

خذ هذا المثال البسيط:
“الرياض هي عاصمة السعودية.”

  • الإنسان يعرفها لأنها معلومة واقعية تعلمها، ومرّت عليه في المدرسة والإعلام والحياة اليومية.
  • أما الذكاء الاصطناعي، فيكتبها لأنه شاهد مرارًا أن كلمة “الرياض” تأتي بجوار “عاصمة” و”السعودية”، لا لأنه “يعرف” فعليًا.

ببساطة، الذكاء الاصطناعي لا يميّز بين الحقيقة والكذبة المنسوجة بعناية، بل يتنبأ بالكلمة التالية حسب الأنماط السابقة، ورغم أن هذه القدرة تجعله يكتب نصوصًا أنيقة ومقنعة، إلا أنها تُخفي خطرًا جوهريًا:

أنت تقرأ “جُملة واثقة”، لا “جُملة واثقة مما تقول”.

والأهم: لو سألته عن خطئه، قد يعتذر، وقد يصحح نفسه، لكنه لا يفعل ذلك لأنه “أدرك”، بل لأنه استقبل إشارة لغوية جديدة، وغيّر الاحتمال فقط.

لهذا، الثقة العمياء به في إنتاج المحتوى تعني أنك تراهن على آلة تُجيد الصياغة لا الحقيقة.

فكن أنت العقل الواعي خلف كل نص، لا المتلقي المندهش من تنسيقه؟

🟥 العيوب الكبرى: لماذا لا يُوثق بشات جي بي تي ككاتب؟

الثقة الزائدة في أدوات الذكاء الاصطناعي قد تبدو ذكية حتى تكتشف أنك استندت إلى كتاب لم يُكتب يومًا.
فما يُثير القلق ليس ما لا يعرفه، بل ما يتظاهر بأنه يعرفه جيدًا.

❌ 1. اختلاق الكتب والمصادر

واحدة من أبرز مشكلات شات جي بي تي وأكثرها خداعًا، هي تأليفه لمراجع وكتب ومصادر غير موجودة أصلًا.
يكفي أن تطلب منه ترشيحات في موضوع معين، ليقدّم لك قائمة من الكتب تبدو موثوقة:
عناوين جذابة، مؤلفون معروفون، دور نشر معروفة، بل وأحيانًا روابط تنقلك لمواقع لا تحتوي أي شيء مما ذكره.

المشكلة ليست في الخطأ نفسه، بل في الثقة المطلقة التي يصوغ بها هذه الأكاذيب. فهو لا يقول “لا أعلم”، بل يقدّم إجابة مفصلة تبدو مقنعة، بينما هي محض توليد لغوي منمّق.

وحتى عند التحقق أو طلب المراجعة أكثر من مرة، قد يُغيّر الأسماء أو يُعيد تركيب نفس الأكذوبة بنسخة جديدة.

وقد وقع الكثير من الكتّاب والطلاب في هذا الفخ:
استخدموا مصادر مختلقة في مقالات وأبحاث وعروض رسمية، قبل أن يكتشفوا أنهم بنوا حجّتهم على لا شيء.

إذا كنت تستخدم شات جي بي تي كمصدر للمعلومة، فلا تنقل ما يقول دون أن تراجع، وتتحقق، وتدقّق. لأنه ببساطة: لا يهمه أن يكون محقًا، بقدر ما يهمه أن يبدو ذكيًا.

❌ 2. التكرار والسطحية: ذكاء لا يُفكر بعمق

هل لاحظت يومًا أنك كل ما طلبت منه يعيد الفكرة نفسها لكن بكلمات مختلفة؟
هذه ليست مصادفة، بل طبيعة أساسية في شات جي بي تي: فهو بارع في توليد النصوص، لكن محدود في التحليل العميق أو توليد أفكار أصيلة.

فعندما تطلب منه مقالًا طويلًا، غالبًا ما يكرّر نفس المعاني بصيغ متباينة، ويدور في حلقة من “التعميمات المريحة”:

  • “من المهم أن نأخذ الأمور بجدية.”
  • “يُعتبر الموضوع ذا أهمية كبيرة.”
  • “من الجيد أن نفكر في هذه النقاط.”

عبارات مثل هذه تبدو “محترمة”، لكنها فارغة من أي قيمة فكرية حقيقية. وهذا التكرار لا يظهر فقط على مستوى الجملة، بل على مستوى الفكرة نفسها.
حتى لو طلبت منه خمس تغريدات، أو ثلاث مقدّمات مختلفة، تجده يعيد نفس الهيكل العقلي الذي يتعامل به مع كل شيء:
تمهيد — أهمية الموضوع — فائدة عامة — خاتمة مريحة.

لهذا السبب، الاعتماد عليه في صناعة محتوى إبداعي أو تحليلي يفقد النص عمقه وفرادته.

❌ 3. الكذب الأنيق: حين تكون الإجابة واثقة… وخاطئة

أسوأ من الخطأ؟ أن يُقال لك الخطأ وكأنه الصواب.
شات جي بي تي لا يعرف أن ما يقوله خاطئ، لأنه ببساطة لا يعرف شيئًا ، هو فقط يتوقّع الكلمات، لا يتحقق منها.

قد يعطيك معلومة غير دقيقة، أو تفسيرًا مغلوطًا، أو حتى اقتباسًا منسوبًا إلى شخص لم يقله أصلًا، وكل ذلك بثقة مفرطة في الصياغة.
وهنا تكمن الخطورة: ليس في الجواب نفسه، بل في انطباع الثقة الذي يصعب على غير المتخصص اكتشاف زيفه.

وحين تطلب منه التصحيح؟ قد يعتذر، ثم يعطيك إجابة خاطئة جديدة بثقة أكبر.

لذلك، الثقة التي يكتب بها الذكاء الاصطناعي ليست علامة صدق، بل مجرد مهارة في التزيين اللغوي.

❌ 4. لا يفهم السياق، بل يُجيده شكليًا

أحيانًا تعتقد أنه فهمك، لكنه فقط كرّر ما قلته بلغة محسّنة.
شات جي بي تي لا “يفهم” السياق كما يفهمه الإنسان، بل يبني رده على الكلمات المفتاحية داخل سؤالك، ويصوغ بناءً عليها ردًا يبدو منطقيًا.

في الأسئلة البسيطة، هذا قد يكفي. لكن في الأسئلة المركبة أو التي تتطلب فهمًا ضمنيًا أو خلفية ثقافية، يبدأ في فقدان المعنى الحقيقي.

والأسوأ؟ أنه أحيانًا يُدخل تبريرات لم تُطلب، أو يتوسّع في موضوع لم يكن مقصودًا، لأنه ببساطة لا يفرّق بين “ما يقال” و”ما يُقصد”.

الذكاء الاصطناعي لا يملك نية، ولا نبرة، ولا خلفية. فقط يتقن التظاهر بذلك.

❌ 5. لا يراجع نفسه إلا إذا أُحرج وربما لا يراجع أصلًا

هل جرّبت أن تطلب من شات جي بي تي مراجعة ما كتبه؟
قد يجيبك بـ”شكرًا على الملاحظة، ها هي النسخة المحسّنة”، ثم يعطيك نفس الخطأ بصياغة أخرى.

المشكلة هنا مزدوجة:

  • أحيانا قد لا يملك ذاكرة مستمرة (في النسخ المجانية أو العامة)، فينسى ما قاله قبل قليل.
  • لا يملك منطقًا ذاتيًا يحكم عليه إن كان كلامه متسقًا أو لا.

حتى في الإصدارات التي تتذكر الحوار، لا تزال قدرة النموذج على “مراجعة ما سبق” محدودة جدًا مقارنة بقدرة محرر بشري بسيط.

من يعتمد على الذكاء الاصطناعي كمحرر ومراجع، فهو يطلب من الأداة أن تراقب نفسها، وهي لا ترى أصلاً.

❌ 6. لا يفرق بين الجيّد والجذاب

يكتب بلغة جذابة، لكن ليس بالضرورة ذات قيمة.
فعباراته منمّقة، وسياقه سلس، لكنه قد يعطيك محتوى بلا جوهر، خاصة في الموضوعات الفلسفية أو الإبداعية أو الجدلية.

الذكاء الاصطناعي مبرمج لتجنّب التحيّز أو الجدل، فينتهي به الأمر إلى نصوص رمادية، لا تهاجم، ولا تدافع، ولا تنبش في العمق.

وهكذا، كلما حاول أن يبدو موضوعيًا، أصبح أكثر سطحية.

❌ 7. لا يصنع أسلوبك، بل يُغرقك في “المتوسط”

الكتابة ليست مجرد كلمات مرتبة. بل هي صوت، موقف، ذوق، توقيع شخصي.
وشات جي بي تي، مهما أبدع، لا يمكنه أن يُنتج أسلوبك الحقيقي، بل غالبًا ما يُقحمك في أسلوب “آمن”، يشبه الجميع، ولا يشبهك. فهو لا يملك رؤية، ولا تجربة، ولا موقف.
بل يتصرف وكأنه يعرف كل شيء، لأنه لا يشعر بأي شيء.

إذا كنت تريد نصًا حيًا يحمل بصمتك فلن تكتب به، بل عليك أن تعيد كتابته بنفسك.

🟩 متى يفيدك شات جي بي تي؟ ومتى يضرك؟

لأن الذكاء لا يُقاس بالاعتماد عليه، بل بمعرفة متى تستخدمه، ومتى تتوقف.

إذا كنت تستخدم شات جي بي تي كمساعد ذكي أو سكرتير شخصي، وليس كبديل عنك، فهو يُتقن الكثير من المهام:

  • العصف الذهني: توليد أفكار مبدئية لأي موضوع.
  • اقتراح العناوين والتقسيمات: وضع هيكل أولي للمقالات والتقارير.
  • تحسين الأسلوب: إعادة صياغة فقرة بلغة أوضح أو أكثر سلاسة.
  • الشرح والتبسيط: توضيح المفاهيم العامة بطريقة سهلة الفهم.
  • تسريع المهام الروتينية: مثل كتابة رسائل بريدية، أو صيغ أولية لتقارير داخلية.

وهو مفيد كذلك في مجالات لا تتطلب دقة مرجعية عالية، مثل منشورات السوشال ميديا، أو مقالات الرأي الأولية، أو نصوص الإعلانات والأفكار الإبداعية القابلة للتحسين.

بمعنى آخر: يفيدك عندما تتولى أنت مهمة التحرير والمراجعة، وهو مجرد أداة مساعدة.

أما حين تتعامل معه كمصدر معرفي موثوق أو كاتب بديل، تبدأ المخاطر.

  • إذا كنت تكتب بحثًا علميًا أو توثيقيًا، فقد يقدم معلومات غير دقيقة أو يختلق مصادر.
  •  إذا كنت تعتمد عليه لصناعة محتوى أصيل، فلن يمنحك أسلوبك الخاص، بل أسلوبًا عامًا يفتقر للتميّز. 
  • إذا استخدمته دون مراجعة أو تدقيق، فأنت تُخاطر بنشر أخطاء وبيانات خاطئة.
  • إذا كنت تكتب في موضوعات ذات حساسية دينية أو ثقافية أو سياسية، فالإجابات ستكون إما متحفظة بشدة أو منحازة دون وعي.

تذكر!!!

الذكاء الصناعي مفيد حين يعمل تحت إشرافك لا فوقك، وأداة قوية بيد من يعرف حدوده.

🟦 هل يمكن كشف المقالات المكتوبة بالذكاء الاصطناعي؟

كلما زادت أدوات التوليد، زادت أدوات التتبع.
ومثلما اخترع الإنسان القفل ثم صنع له مفتاحًا، ظهرت اليوم أدوات تكشف المقالات المكتوبة بالذكاء الاصطناعي، وتحاول التمييز بين النص البشري ونظيره الآلي.

هل تنجح دائمًا؟ لا.
لكنها باتت جزءًا من المعركة الجديدة:
من كتب هذا؟ إنسان… أم خوارزمية تعرف كيف تتصرف كإنسان؟

ومع انتشار المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي، أصبح السؤال الشائع هو:
هل يمكن فعلًا تمييز المقالات التي كتبها شات جي بي تي؟

الجواب ليس بسيطًا.
نعم، توجد أدوات وخوارزميات تدّعي القدرة على تحليل النص وتحديد إن كان قد كُتب بواسطة ذكاء اصطناعي، لكن النتائج ليست دائمًا دقيقة.

أشهر الأدوات المستخدمة اليوم تشمل:

🔍 أدوات كشف المحتوى المكتوب بالذكاء الصناعي:

  • GPTZero:من أوائل الأدوات المتخصصة في كشف المحتوى الآلي, لكشف المحتوى التعليمي والكتابي المولّد آليًا.
  • Originality.ai: تستهدف قطاعات التسويق وصناعة المحتوى، وتخدم المدونين والمحررين بتقارير دقيقة.
  • Turnitin AI Detector: يُستخدم أكاديميًا لكشف الانتحال والمحتوى غير البشري، وأضاف خصائص ذكاء اصطناعي..
  • Writer AI Detector: يكشف المحتوى التسويقي الناتج عن النماذج اللغوية.
  • Content at Scale AI Checker: أداة تُستخدم لمراجعة “بشرية النص” بدقة تحليلية.

لا توجد أداة تضمن اكتشاف كل محتوى آلي، لكن استخدامها كطبقة مراجعة إضافية قد يُنقذك من مواقف محرجة.

وهذه الأدوات تعتمد على أنماط لغوية مميزة مثل:

  • التكرار اللغوي.
  • غياب الحس الإبداعي أو الشخصي.
  • الجُمَل المنظمة بشكل مفرط.

لكن مع تطور النماذج الجديدة، أصبحت القدرة على التمويه أعلى، وأصبح من السهل أن تُكتب مقالة آلية وتبدو بشرية.

بل إن بعض المقالات البشرية يتم تصنيفها بالخطأ على أنها آلية، والعكس صحيح.

إذًا، هل يمكن الاعتماد على أدوات الكشف؟
يمكن استخدامها كمؤشر مبدئي، لا كحكم نهائي.
فالخطر الأكبر ليس في أن يكون النص مكتوبًا بذكاء اصطناعي، بل في أن يكون ضعيفًا، غير موثوق، ومكررًا، سواء كتبه إنسان أو آلة.

والتحدي ليس في كشف الذكاء الاصطناعي، بل في كتابة نص لا يهم إن كان بشريًا، لأنه قوي وموثوق بطبيعته.

🟫 أبرز أدوات الذكاء الاصطناعي: بين توليد المحتوى وكشفه

الذكاء الاصطناعي اليوم لم يعد مجرّد أداة، بل منظومة تتوسّع بسرعة مذهلة: من أدوات تساعدك على الكتابة، إلى أدوات تكشف إن كنت قد استخدمتها في الكتابة!

✍️ أدوات توليد المحتوى والكتابة:

إذا كنت تظن أن شات جي بي تي هو الوحيد في الساحة، فأنت لم ترَ من الذكاء الاصطناعي سوى قمة الجبل.

في الكواليس، هناك نماذج تتكاثر، تتطور، وتتنافس على مقعد “الكاتب الآلي المثالي”.

من المساعدات النصية البسيطة، إلى المنصات المتكاملة التي تكتب وتحلل وتراجع، هذه الأدوات باتت جزءًا من يوم أي كاتب رقمي، واعٍ أو هاوٍ.

  • ChatGPT (OpenAI): الأداة الأشهر عالميًا، بارعة في توليد المحتوى بمستوى مقبول لغويًا وسياقيًا.
  • Claude (Anthropic): نموذج يركّز على المحادثة المنطقية، ويتعامل مع نصوص طويلة وتحليل معقّد.
  • Gemini (Google): يجمع بين قدرات الذكاء والتوثيق من خلال الربط بمحرك بحث جوجل.
  • DeepSeek (الصين): نموذج صيني متعدد اللغات، بدأ ينافس في مجال البحث والتحليل البرمجي.
  • ERNIE Bot (Baidu) وTongyi Qianwen (Alibaba): نماذج ذكاء صناعي صينية متخصصة في اللغة الصينية ومجالات الأعمال.
  • Grok (X/Twitter): مساعد ذكي مطور من X (تويتر)، يقرأ بيانات المنصة لحظيًا ويقدّم تحليلات آنية بنبرة مرحة أو جادة حسب الإعداد.

هذه الأدوات تصنع محتوى مذهلًا عند الاستخدام الواعي، لكنها تضلّل بسهولة إن لم تراجع ما تكتب.

🟪 خرافات منتشرة حول الذكاء الاصطناعي في الكتابة

الانتشار السريع للذكاء الاصطناعي رافقه كثير من المبالغات. إليك أبرز الخرافات التي يجب أن نكسرها:

  • “كل مقال مكتوب بالذكاء الاصطناعي سيتم اكتشافه.”
    الحقيقة أن كثيرًا من المقالات تمر بسهولة، خاصة إذا تم تحريرها يدويًا أو صيغت بأسلوب طبيعي.
  • “الذكاء الاصطناعي أذكى من البشر.”
    هو أسرع في الصياغة، لكن لا يملك تجربة أو وعي أو ذوق. مجرد آلة تتنبأ بالكلمات.
  • “ما دام مكتوبًا بلغة جيدة، فهو صحيح.”
    الذكاء الاصطناعي قد يصوغ الخطأ بلغة مبهرة. لا تصدّق الجملة فقط لأن شكلها أنيق.
  • “ما دام موجودًا، يغنيني عن الكتابة.”
    لا، هو يغنيك فقط عن المهام الرتيبة. أما المحتوى الحقيقي فلا يُصنع بضغط زر.

الخرافات حول الذكاء الصناعي ليست في التقنية، بل في التوقعات المبالغ فيها منه.

استخدام الذكاء الاصطناعي بالعمل

🟨 هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل البشر في الكتابة؟

يُطرح هذا السؤال بكثرة، وغالبًا ما يُجاب عنه بإجابات مثيرة للرعب أو للضحك.
لكن الحقيقة أكثر بساطة: الذكاء الاصطناعي لا يستبدل الكاتب، بل يستبدل الكاتب السيئ.

سيختفي من لا يضيف قيمة، ومن يكرر غيره، ومن يكتب بلا روح أو فكرة.
أما من يمتلك أسلوبًا، وحسًا لغويًا، وتجربة إنسانية، فلا يمكن تعويضه.

الذكاء الصناعي يساعد، يُحفّز، يُسرّع، لكنه لا يكتب بذاكرة، ولا يُجيد التأمّل، ولا يعيش التجربة.
هو ليس منافسًا لك، بل مرآة تعكس ما تضعه أمامها.

الذكاء الاصطناعي لا يأخذ مكانك، بل يكشف إن كان لك مكان أصلًا.

🟦 كيف تستخدم الذكاء الاصطناعي وكأنك أذكى منه؟

الكتابة باستخدام الذكاء الاصطناعي لا تعني أن تتنازل عن ذكائك، بل أن تستخدمه في توجيه الأداة لا في الخضوع لها.

هكذا يستخدم الكُتّاب المحترفون هذه الأدوات:

  • ابدأ دائمًا من عقلك، لا من المحرر.
    قبل أن تطلب، حدّد نيتك: ماذا تريد؟ ولماذا؟ ولمن تكتب؟
  • اطلب الأفكار، لا النص النهائي.
    استخرجه كمنجم للأفكار، لا كآلة طباعة.
  • لا تنشر ما لم تُراجع.
    المعلومة؟ تحقق منها. الأسلوب؟ عدّله. الجمل المتكررة؟ احذفها أو أعد صياغتها.
  • ادمج لمستك الخاصة دائمًا.
    الإضافة الشخصية، التجربة الواقعية، الحس الإبداعي، كلها عناصر لا يملكها الذكاء الاصطناعي.
  • كن القائد لا التابع.
    الذكاء الصناعي ممتاز في تنفيذ الأوامر. لكن فقط حين تكون أنت من يعطيها بدقة ووعي.

الذكاء الصناعي لا يكتب نيابة عنك، بل يوسّع حدودك إن سمحت له بأن يرافقك، لا أن يقودك.

والأهم من كل هذا: لا تنسَ أنك المسؤول عن كل كلمة، حتى لو كتبها الذكاء نيابة عنك.

خذ منه السرعة، ودع له العموميات، واحتفظ لنفسك بالموقف، والدقّة، والأسلوب.

🟫 الخاتمة: لا تسلّمه القلم، بل استخدمه أنت

الذكاء يكتب بسرعة، فهل ستبقى تكتب بتميّز؟ هل ستبقى كاتبًا، أم تصبح محررًا لما تقترحه الآلة؟

نعي وندرك أن قدرة الذكاء الاصطناعي على توليد النصوص مذهلة. لكنها تظل قدرة تحاكي الكتابة ولا تعيشها.

هو لا يتعلّم من تجاربك، ولا يشعر بقلقك، ولا يفكّر خارج ما لُقّنه. وحدك، أنت من يعرف الجمهور، والمجال، والسياق، والرسالة.

شات جي بي تي أداة قوية نعم، لكن كل أداة تصبح خطرًا حين تُستخدم دون وعي.
فاكتب به لكن لا تسلمه الخيط والمخيط، ادعمه لكن لا تدعه يحل مكانك.

وفي زمن يكتب فيه الجميع بذكاء اصطناعي، سيقى تفرّدك الحقيقي أن تكتب بذكاء إنساني.

كتابة المحتوى باحتراف: بين قوة البيان وتقنيات السيو

استراتيجيات فعالة للتسويق الرقمي للشركات الناشئة

واكب الحدث

سجل بريدك الإلكتروني لتصلك أحدث المواضيع المتنوعة والمفيدة من خلال البريد الإلكتروني.

انضم مع 3٬964 مشترك