هل تخيّلت يومًا أن عملًا ترفيهيًا مثل الأنمي قادر على تحويل شخص لم يكن يومًا مهتمًا بموضوعٍ ما إلى شخصٍ شغوف به، يبحث عنه ويقرأ تفاصيله ويتابعه بشغف؟ وما علاقة التسويق بالمحتوى بالأمر؟
لقد عشت هذه التجربة بنفسي.
كنت أشاهد أنمي يحكي قصة رجل في منتصف الثلاثينات، يعيش متعة التخييم منفردًا في أحضان الطبيعة، حيث النار المشتعلة بجانبه والهدوء يلف المكان. ثم يظهر في حياته طالب جامعي مبتدئ لا يعرف شيئًا عن التخييم، ويصرّ على تعلّم الأساسيات خطوةً بخطوة حتى يصبح قادرًا على خوض التجربة بنفسه.
القصة في ظاهرها بسيطة: خبير ومبتدئ. لكن ما جعلها مختلفة هو طريقة تقديمها:
- مشاهد ملهمة تُظهر جمال الطبيعة.
- خطوات عملية عن اختيار المكان وتجهيز الأدوات.
- تفاصيل صغيرة تمزج المعلومة بالمتعة.
وأنا، الذي لم يخطر ببالي يومًا التخييم، وجدت نفسي أبحث عن أدواته وأفكّر في خوض التجربة.
من شخص “غير مهتم” → تحولت إلى شخص “مهتم”، والسبب؟ المحتوى فقط.
وهنا تكمن الحقيقة:
المحتوى ليس إعلانًا، المحتوى هو الأداة التي تغيّر القناعات وتصنع الاهتمام من العدم.

كيف يصنع المحتوى الاهتمام من الصفر؟
ما يحدث في هذا الأنمي يوضّح بجلاء أن المحتوى قادر على صناعة الرغبة من لا شيء، وذلك عبر عناصر محدّدة:
- الأساسيات أولًا:
الطالب المبتدئ لا يعرف شيئًا، فيُعرَّف – ومعه المشاهد – على أبسط الخطوات: كيف يختار المكان؟ كيف يشعل النار؟ كيف يستخدم الأدوات؟ - التثقيف الذي يمنح الثقة:
كل معلومة عملية صغيرة تُشعره بالقدرة، ومعها يشعر المشاهد أيضًا: “الأمر ليس صعبًا، يمكنني أن أجرب”. - القصة التي تمنح المعنى:
وجود شخصية خبيرة وأخرى مبتدئة يخلق مزيجًا قصصيًا ممتعًا، يجعل المشاهد يعيش التجربة وكأنه جزء منها. - المزج بين الإلهام والتثقيف:
الجمع بين المشاهد الملهمة والمعلومات العملية هو ما يحوِّل غير المهتم → مهتم → ومخلص كذلك.
💡 الخلاصة هنا:
المحتوى الناجح لا يكتفي بعرض المعلومات ولا بالقصص وحدها.
إنه يصنع الاهتمام عبر مزيج مدروس من التثقيف البسيط + القصة المؤثرة + التجربة الواقعية.
هذا هو جوهر التسويق بالمحتوى: تحويل جمهور غير مهتم إلى جمهور مهتم ومخلص، عبر كتابة محتوى يقدم قيمة، يبني وعيًا، ويخلق رغبة

كيف يعكس هذا المشهد جوهر التسويق بالمحتوى؟
ما يفعله الأنمي في قصته لا يختلف عن دور التسويق بالمحتوى في عالم الأعمال.
فالمحتوى الناجح لا يبدأ بمحاولة البيع المباشر، بل يبدأ بتبسيط الأساسيات، وتعليم الجمهور خطوات صغيرة قابلة للتطبيق، وإشراكه في قصة لها معنى.
هذا بالضبط ما يحتاجه أي صاحب علامة تجارية أو كاتب محتوى:
- بناء الوعي قبل البيع
مثل الطالب الذي لا يعرف شيئًا عن التخييم ثم يتعلم الأساسيات، العميل أيضًا قد لا يعرف شيئًا عن منتجك أو خدمتك. هنا يأتي دور المحتوى في رفع الوعي وبناء أرضية معرفية. - تحويل الاهتمام عبر التثقيف
كل مقالة، منشور، أو مقطع فيديو يُقدَّم كخطوة عملية بسيطة، يمنح القارئ ثقة أكبر في نفسه ويجعله يفكر: “الأمر ليس معقدًا، أستطيع أن أبدأ”. هذه اللحظة هي بداية التحوّل من “غير مهتم” إلى “مهتم”. - القصة كأداة جذب
تمامًا كما يعيش المشاهد مع شخصيات الأنمي، يعيش العميل مع قصص البراند وتجارب عملائه. كتابة المحتوى القصصي تمنح معنى أعمق، وتحوّل المعلومة الجافة إلى تجربة حيّة. - خلق الرغبة قبل الحاجة
المشاهد لم يكن يحتاج للتخييم، لكنه شعر بالرغبة بسبب المحتوى. وبالمثل، العميل قد لا يبحث عن منتجك الآن، لكن المحتوى الملهم يجعله يفكر في اقتنائه لاحقًا.
💡 الخلاصة:
التسويق بالمحتوى ليس مجرد نشر مقالات أو منشورات عابرة.
إنه عملية تثقيف + إلهام + سرد قصصي تصنع الاهتمام، وتحوّل الجمهور من متفرج غير مبالٍ إلى متابع مهتم ومخلص.

حين يتحول المحتوى إلى سوقٍ كامل
القصة لم تقف عند حدود الإلهام أو التثقيف فقط.
فمع ارتفاع شعبية الأنمي، بدأ الجمهور يتأثر بشكل مباشر: أشخاص لم يفكروا يومًا في التخييم، صاروا يبحثون عن الأدوات، يشاهدون شروحًا إضافية، بل ويخططون لتجربة التخييم بأنفسهم، كتابة السرد القصصي، وكتابة محتوى القصص والحكايات يلعب دورا هاما في رسم خطة المحتوى وتكتيكات استراتيجية المحتوى والتسويق.
وهنا ظهرت العلامات التجارية الذكية.
شركات مواقد صغيرة، أدوات شواء، أنواع فحم ومعلبات، جميعها دخلت المشهد عبر رعايات وإعلانات مرتبطة بالمحتوى، التسويق النفسي والاحتياجي لعب دورا كبيرا ووجه الناس نحو ما يريد.
ببساطة: الأنمي خلق الرغبة، والشركات جاءت لتقدّم الحلول والمنتجات التي تشبع هذه الرغبة.
هذا المثال يختصر جوهر استراتيجية المحتوى الناجحة:
- المحتوى يزرع الفكرة.
- الجمهور يكتسب وعيًا ورغبة.
- العلامات التجارية تدخل لتلبي الحاجة.
إنه تسلسل طبيعي، لكنه قوي للغاية:
- المحتوى يسبق المنتج.
- الاهتمام يسبق الشراء.
- الثقة تسبق الولاء.
ولهذا السبب نقول إن التسويق بالمحتوى الفعّال ليس رفاهية أو خيارًا ثانويًا، بل هو الوسيلة الأذكى لبناء الثقة مع الجمهور، وتحويل الاهتمام إلى التزام وولاء طويل المدى.
💡 الخلاصة هنا:
حين يُقدَّم المحتوى بطريقة ملهمة وواقعية، لا يكتفي بجذب الاهتمام، بل يفتح أبوابًا كاملة لأسواق جديدة، ويخلق فرصًا لم تكن موجودة من قبل.
الخاتمة
المحتوى ليس إعلانًا عابرًا، بل هو أداة استراتيجية قادرة على تغيير القناعات وصناعة الاهتمام من الصفر.
من مشهد قصصي بسيط في أنمي، تعلّمنا أن التثقيف، القصة، والإلهام يمكنها أن تحوّل شخصًا غير مهتم إلى شخصٍ مهتم ومخلص، وقد يسمى بالتسويق بالأنمي وأعده جزءا من التسويق بالمحتوى.
وهذا بالضبط جوهر التسويق بالمحتوى: بناء الوعي بالعلامة التجارية، جذب العملاء عبر كتابة محتوى يضيف قيمة، وخلق رغبة تتجاوز المنتج لتصل إلى التجربة الكاملة.
لكن يبقى السؤال الأهم:
كيف يمكن لأي كاتب أو صاحب علامة تجارية أن يصنع محتوى بهذا التأثير؟
هذا ما سنتناوله بالتفصيل في مقالٍ آخر: “كيف تبني محتوى يجعل غير المهتم مهتمًا؟”
فترقبوا
الفرق بين التسويق الرقمي والتسويق بالمحتوى
كيف ينقذ التسويق بالمحتوى مشاريعك؟
كيفية بناء إستراتيجية محتوى لحسابات التواصل الاجتماعي؟
أنشر, لتعم المعرفة
- النقر للمشاركة على X (فتح في نافذة جديدة) X
- انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة) فيس بوك
- انقر للمشاركة على Telegram (فتح في نافذة جديدة) Telegram
- انقر للمشاركة على WhatsApp (فتح في نافذة جديدة) WhatsApp
- اضغط لتشارك على LinkedIn (فتح في نافذة جديدة) LinkedIn
- اضغط للمشاركة على Pinterest (فتح في نافذة جديدة) Pinterest
- اضغط للطباعة (فتح في نافذة جديدة) طباعة
- النقر لإرسال رابط عبر البريد الإلكتروني إلى صديق (فتح في نافذة جديدة) البريد الإلكتروني
- اضغط لمشاركة الموضوع على Reddit (فتح في نافذة جديدة) Reddit
- اضغط للمشاركة على Tumblr (فتح في نافذة جديدة) Tumblr
- النقر للمشاركة على Mastodon (فتح في نافذة جديدة) Mastodon
- النقر للمشاركة على X (فتح في نافذة جديدة) X
- انقر للمشاركة على Bluesky (فتح في نافذة جديدة) Bluesky